علم الفلك

كواكب فيما وراء الشمس

ما زال العلماء يفتشون في متاهة الفضاء المترامي عن شموسٍ أخرى غير شمسنا، مما يوحي بالتساؤل، هل هناك حياة ذكية تشاركنا هذا الكون؟ وهل توجد أراضين غير أرضنا تصلح للسُّكنى وبها ماء؟ وهل توجد منظومة شمسية تشبه منظومتنا؟ هذه الأسئلة والتساؤلات نتناولها في هذا المقال.

فحالياً… يُقدِّر العلماء من خلال معطيات التلسكوبات العملاقة الأرضية وأجهزة الاستشعار عن بعد الفضائية، أن هناك نظماً شمسية تماثل منظومتنا الشمسية وكواكب تشبه أرضنا. وهناك كواكب تولد وكواكب تموت، لهذا يتوقع العلماء أن هذا العقد والعقد القادم سيشهدان عصر الكواكب والنجوم فيما وراء منظومتنا الشمسية. فالفلك حالياً يشهد مولد علم المشاهدة الحديث، ومن خلاله سيتمكن علماء الفلك المعاصرين من التعرف على منظومات كوكبية خارج الشمس (Extrasolar planetary) بالفضاء، مما سيغيّر مفاهيمنا المتداولة عن الفلك، ويقلِّص من نظرياته بعد سيول معطيات تلسكوب هبل وغيره من الأجهزة الفضائية المتطورة عن الكواكب والنجوم والمجرات.

طرق تعقب الكواكب وراء الشمسية

ففي أبريل الماضي، أعلن علماء فلك اكتشاف ثلاثة كواكب جديدة خارج مجموعتنا الشمسية تقع على مسافة أبعد من الكواكب التي اكتشفت من قبل، في محاولة مضنية للتفتيش عن كواكب في حجم الأرض بعوالم أخرى بعيدة عن منظومتنا الشمسية، مستخدمين شتى الحيل للتعرف على هذه الكواكب البعيدة. والاكتشاف الجديد جاء برصد كواكب حول نجم على بعد 17 ألف سنة ضوئية، حيث تحتل منطقة مزدحمة في وسط مجرتنا درب التبانة. بينما الكواكب التي سبق رصدها لا تبعد أكثر من 5 آلاف سنة ضوئية، وأبعد هذه الكواكب التي اكتشفت مؤخراً تعادل كتلته كتلة كوكب المشتري مرة ونصف، وتشبهه في أنهما من الكواكب الغازية، ويدور في محيطه حول شمسه أسرع من دوران أرضنا حول الشمس ثلاث مرات. وكان هذا الاكتشاف بحيلة ضوئية يُطلَق عليها “العدسية الدقيقة للجاذبية” (Gravitational microlensing)، وهي تقنية يستعملها حالياً صائدو الكواكب والتي من خلالها أصبحوا شغوفين بالتعرف على الكواكب ذات الكتل الصغيرة فيما وراء المنظومة الشمسية. فلقد وجد علماء الفلك أن ثمة ارتباطاً بين جاذبية الكوكب المكتشف حديثاً ونجمه المضيف، حيث يعملان معاً كالعدسة التي تركز الضوء الوافد من نجوم أبعد عنها بحوالي 24 ألف سنة ضوئية، ممَّا يُحدِثُ تأثيراً توقعه آينشتاين. فالصورة الناتجة والمتوقعة للنجم البعيد تصبح أكثر سطوعاً، ممَّا يجعل راصديها يتعرَّفون على الكوكب، بينما التلسكوبات التقليدية لا تراه. وهذه الصور العدسية يعتبرها صائدو الكواكب من علماء الفلك بصمة عدسية لنجم حوله كوكب دري، وهذه التقنية الجديدة أصبحت مقياساً مفضلاً لدى علماء الفلك، فمن خلالها أمكن التعرف علي أجسامٍ نائية جداً وصغيرة في حجم جرم كالأرض، مما جعل حوالي 120 عالَماً من عوالم ما وراء الشمس تكتشف لنا. ومعظمها لكواكب غازية عملاقة تفوق في حجمها وكتلتها كوكب المشتري داخل منظومتنا الشمسية. وهذه الخاصية العدسية التحايلية تظلُّ لعدة أيام أو أسابيع، لأن النجم المرصود يتحرك نسبياً مع أرضنا، ولهذا أمكن رصد 1,000 نجمٍ خلال العقد الماضي من خلال هذه التقنية. حيث شوهدت كواكب جديدة لمدة ساعات خلال المشاهدة المتوالية التي قد تستغرق مدة أسبوع. وهذه الفرصة لا تُتَاح إلا مرة واحدة، لهذا يَجمَع العلماء معلوماتهم بسرعة.

اكتشاف الكواكب بطريقة العبور، عندما تمرُّ أمام نجومها فينخفض ضوء هذه.

ويتوقع الباحثون في الفضاء فيما وراء الشمس خلال السنوات القادمة رصد كواكب أخرى هناك، باستخدام جيل جديد من التلسكوبات الفضائية لرصدها مباشرة بدلاً من التعرف عليها بطرق غير مباشرة. وهذه الطرق قد مكنت العلماء من التعرف على كواكب بعيدة جداً عن شموسها (نجومها)، أشبه ببعد كوكب نبتون بالنسبة لشمسنا. وكان العلماء يتبعون من قبل أول تقنية ناجحة لاصطياد الكواكب وملاحظتها حول النجوم البعيدة، وهي طريقة دوبلر التي يطلق عليها “طريقة التمايل أو التذبذب” (wobble method)، وتتم من خلال ملاحظة التمايل البسيط للنجم عندما يتهادى في محيطه بسبب قوة جذب كوكب يدور حوله. لكن هذه الطريقة تستخدم في رصد النجوم القريبة نسبياً، والتي تبعد عنا حوالي 160 سنة ضوئية. ومن خلالها اكتشفت منذ عدة سنوات الكواكب القريبة من نجومها فقط، ولم يتمكن العلماء من خلالها من التعرف على الكواكب البعيدة في أي منظومة نجمية قريبة.

والطريقة الثانية التي اكتشفت حديثاً تتم من خلال التعرف على ظل الكوكب عندما يمر أمام نجمه المضيف، ويطلق على هذه الطريقة “الطريقة العبورية” (Transit method)، وهذه الطريقة تنطبق على نسبة قليلة من الكواكب التي تكون مداراتها قريبة من نجومها البعيدة. وحاليا ًيستخدم العلماء طريقة العدسية الدقيقة للجاذبية والطريقة العبورية معاً للحصول على صور الكواكب البعيدة، وكلاهما يعملان بكفاءةٍ عندما تصوب التلسكوبات إلى مركز مجرة التبانة حيث تحتشد النجوم بكثرة. وهذا التكامل بين الطريقتين سيجعل العلماء يطورون مهامَّهم لإرسال قواعد فضائية لاصطياد الكواكب البعيدة وتصويرها والتعرف علي أشكالها وحجومها، ولكن لأن هذه الكواكب بعيدة جداً فلن يتمكن العلماء من اكتشاف كوكب من بينها يماثل كوكب الأرض.

حياة محتملة

وضمن هذه الاكتشافات المذهلة تمكَّن العلماء من اكتشاف النجم جيمنورم 37 (37 Geminorum) الغربي في مجموعة التوأمين النجمية على بعد 56,3 سنة ضوئية، وهو نجم أصفر برتقالي يشبه شمسنا، ويعتبر العلماء هذا النجم مؤهلاً لوجود كواكب مصاحبة له يمكن سكناها. وهذا الاكتشاف جعلهم يضعون قائمة يصنّفون فيهاالنجوم المكتشفة التي تصاحبها كواكب تحمل الأكسجين والماء السائل، والتي أطلق عليها النظم النجمية الصالحة للسكنى (Habitable Stellar Systems)، وقد استبعدوا في دراساتهم الشموس البعيدة نسبياً، ومن بينها نجوم صغيرة جداً أو معمِّرة جداً وتدور بسرعة، وهي نجوم متغيرة في سطوعها لدرجة تحدث فوضى مناخية في عالمها القريب منها. وهذا التوجُّه الفلكي جعل العلماء يفتّشون عن نجوم تشبه جيمنوم 37 لها خاصية نظامنا الشمسي الذي فيه كواكب قابلة للسكنى. وقد تم العثور على أكثر من 600 كوكب خارج مجموعتنا الشمسية ضمن مجرتنا، ويتوقَّع العلماء بلايين من الكواكب تصلح لنمو حياة فوقها أسوةً بالأرض، تدور حول 2,350 من النجوم التي تبعد عنا بحدود مائة سنة ضوئية. وهذه التوقُّعات جعلت علماء ناسا يستعدون لإرسال نلسكوب فضائي عام 2013 أطلقوا غليه الباحث عن الكواكب الأرضية “Terrestrial Planet Finder” (TPF), مستخدماً الضوء المرئي للبحث عن كواكب صالحة للسكنى، وسوف يصور الكواكب التي تدور حول النجوم المجاورة لنا وسيعطينا معلومات عن أجوائها عن طريق التحليل الطيفي للعناصر بها, كالماء والأكسجين والكربون والميثان. ولو كان العلماء محظوظين، فقد يشاهدون آثار حياة أو خضرة فوق هذه الكواكب. وسيستمر عمله من سنة 2012 إلى 2015، وسيتبع هذا الباحث الفضائي إرسال 6 تلسكوبات أوربية فضائية ضمن مشروع داروين (ملاحظة: كان قد تم اقتراح مشروع “الباحث عن الكواكب الأرضية” عدة مرات على يد وكالة ناسا، إلا أنَّه ألغي آخر الأمر عام 2011، ولن يتم إرساله أبداً).

خريطة تبيّن مهمة إحدى مركبات البحث عن الكواكب وراء الشمسية، حيث تظهر المنطقة التي على المركبة البحث فيها ضمن مربَّع أخضر صغير.

والنجم المرشح والمختار لدراسة الحياة المعقدة حوله لا بُدَّ أن يكون لونه ساطعاً ولامعاً ويكون في منتصف عمره النجمي كشمسنا، ويحترق بانصهار عناصر خفيفة لينتج عناصر ثقيلة كالحديد. ويجب أن لا يكون نجماً عجوزاً قد تقلَّص، أو صغيراً لا يعرف مدى حياته على مدى مستقبله البعيد. فدراسة النجم جيمينورم 37 المرئي والقابع في الجزء الشمالي الغربي في السماء بمجموعة التوأمين سوف تتيح للعلماء التعرف على النجوم المناسبة للبحث فيها، ولا سيما وأن عمره تقريبا يناهز 5,5 بليون سنة بينما عمر شمسنا 4,5 بليون سنة، وكلاهما يعتبران فلكياً في منتصف العمر ولا سيما وأنهما غنيان بالحديد والكالسيوم والصوديوم والماغنيسيوم والتيتانيوم. وهذا ما أظهره التحليل الطيفي لضوئهما الأصفر البرتقالي. لكن سطح الشمس أكثر سخونة من جيمينورم 37، وتساوي كتلة هذا النجم 1,1 من كتلة شمسنا بينما قطره أكبر بـ1,03 مرة من قطر شمسنا وسطوعه أشد بـ1.25 مرة من سطوع الشمس. ومن خلال شدة الضوء يمكن تحديد مستقبل عمر النجم الافتراضي ورؤية النجوم المجاورة والتنبؤ بالفترة التي سيكون خلالها النجم مستقراً على الحالة التي عليها حالياً، وهذه الخاصية لقرب النجم جمينورم منا جعلت الباحث الفضائي (TPF) قادراً على تسجيل معلوماتٍ كثيرة عنه, وعن الكواكب في مجموعته والنفايات الغبارية القرصية التي تتشكل منها الكواكب والمذنبات، ولا سيما وأن مجموعتنا الشمسية بها كمية غبار بين كواكبها، لأن كوكب المشتري يقلبها بالفضاء باستمرار، وهي [[:w:حزام الكويكبات|حزالأجسام الصخرية وتولّد غباراً في المنظومة الشمسية، وهذا الغبار الكوني قد لا يعوقنا عن رؤية الكواكب النجمية، لهذا نجد أن المهام الرئيسية للباحث الفضائي TPF والتلسكوبات الفضائية بمشروع داروين الأوربي هي إمداد علماء الأحياء والكيمياء الفضائية بمعلومات طيفية حول هذه الكواكب، لأن المهمة الأساسية لها اكتشاف كواكب قريبة صالحة للسكنى والحياة، أو هل كان بها نوع ما من الحياة أو ما زال هناك؟

وعلى صعيد آخر هناك استعدادٌ لمهمة كبلر التي ستنفذ ابتداءً من أكتوبر عام 2006 داخل محيط الشمس، لتحديد الترددات بالكواكب الداخلية بمنطقة كبلر (Kepler zone) التي تضم آلاف النجوم، من بينها 100 ألف نجم تم رصدها داخل مجرتنا بحثاً عن كوكب قي فلك نجم بعيد، بماثل كوكب الأرض من حيث الحرارة والبرودة والماء السائل. ومن المخواكب العابرة خلال أربع سنوات بواسطة تلسكوب فضائي متقدم، وفي محاولة لفحص 100 نظام كوكبي حول النجوم البعيدة، من بينها كواكب عملاقة تشبه المشتري، إلا أنها بعيدة لا يمكن فحصها بدقة، وكواكب صخرية صغيرة تشبه الأرض تصعب رؤيتها. لكن ليس معروفاً ماهي الكواكب المؤهلة للعيش والسكنى بها من بينها. وقد استطاع العلماء دراسة تسعة من هذه النظم المعروفة (تضك نصف الكواكب تقريباً)، بها أراضين تشبه أرضنا تدور في أفلاكها حول نجومها منذ بليون سنة، وهذه حقبة كافية لظهور حياة واستقرارها فوق هذه الكواكب السيارة. كما أن الأقمار التي في حجم الأرض وتدور قي فلك كوكب عملاق، يمكن أن تظهر فوقها حياة. وكما نعرف عادة، لا تظهر الحياة فوق كواكب. لكن الكوكب الشهير Hd, الذي يطلق عليه أوزوريس، قد أذهل الفلكيين عندما وجدوا أن جوَّه يحتوي على الأكسجين والكربون في غلافه البيضاوي الممتد, والذي يتبخَّر إلى غاز. ويعتبر نجم النسر الواقع خامس أكثر النجوم سطوعاً بالسماء, ومن أكثر النجوم وضوحاً في سماء نصف الكرة الأرضية الشمالي، وهو يقع على بعد 25 سنة ضوئية من شمسنا، وقطره أكبر منها بثلاث مرات، وسطوعه أكثر من سطوعها بـ58 مرة، وكان أول نجم قد صور في منتصف يناير عام 1850 بمرصد هارفارد.

وكان الفلكيون الكنديون قد استطاعوا التعرف على شواهد وجود حقل مغناطيسي فوق كوكب عملاق خارج المجموعة الشمسية، ممَّا أعطى معلومات حول الكوكب العملاق، ويسخن هذا الكوكب المكتشف نجمه الذي يتبعه من خلال التفاعلات المغناطيسية الداخلية (magnetic interactions) بينه وبين نجمه. وكتلة هذا الكوكب تعادل 270 ضعف كتلة الأرض، ومداره قريبٌ جداً من نجمه، ويدور حوله بسرعة فائقة، لدرجة أن سنته تعادل ثلاثة أيام أرضية. وتلعب الحقول المغناطيسية دوراً رئيسياً في الجو المحيط والحياة، فنجد أن كوكب المريخ قد فقد حقل مغناطيسيته عبر تاريخ وجود، ممَّا غير من فصوله السنوية ومداره المائل وأفقده بيئته وماءه السائل.

ماضي الكون

لكن هذه المعطيات الحديثة تعتبر نسبياً صوراً قديمة موغلة في الماضي، حيث أن ضوء النجوم البعيدة يصل إلينا بعد مئات أو حتى آلاف السنين من انبعاثه منها، ممَّا يجعل العلماء يرون هذه الأجرام في الماضي ولا يعرفون ما هي عليه في الحاضر. فمن هذا المفهوم المؤكد نجد أنه من غير المعروف لنا ما آلت إليه هذه الأجرام حالياً، لكن الصور الفضائية للعوالم الأخرى تعكس ما كانت عليه المجموعة الشمسية في مطلع وجودها منذ ملايين السنين، فما نراه اليوم في الفضاء البعيد هو الرجوع للماضي, أشبه بإرجاع صور شريط الفيديو للوراء. فكلُّما توغلنا في أعماق الكون كلما رجعنا بآلة الزمن للوراء، والعلماء يرون ماضي الكون، ورؤية الأجرام القريبة هو رؤية صور أحدث. لهذا العلماء يطالعون كتاب ماضي الكون وليس حاضره، لأنهم يرون صوراً قطعت ملايين السنين وبلاين الأميال, لتصل لأعين تلسكوباتنا وأجهزتنا التحسسية والبصرية. فما يقال بعلم الفلك الحديث هو تفسير للفلك القديم ولا يعبّر عن الكون في هيئته المعاصرة، وحاضر الكون سنراه بعد ملايين السنين كماضي مستقبلي حيث تموت أجرام وتتشكل مجرات وتولد نجوم جديدة للحفاظ على عدد سكان الفضاء. والصور القريبة بالفضاء نفسر الصور البعيدة، فعندما يقال “اكتشاف كواكب جديدة تشبه الأرض والبحث عن حياة فوقها”، هذا التوجه العلمي لا يمكن من خلاله الوصول إلي الواقع السائد حالياً هناك، لأن رؤيتنا لهذه الكواكب تماثل رؤيتنا لأرضنا في طفولتها حيث لم تكن توجد حياة، وسيظل التفتيش عن أحياء هناك ضرباً من المستحيلات، إلا لو رأيناها عن كثب من فوق كوكب خارجي بعيد. لهذا لن نعثر على أحياء شركاء لنا في هذه المتاهة الفضائية، فنحن نفتش في ماضي الكون من منظور علمي حديث، والتلسكوبات – حتى أعيننا – تعتبر آلة الزمن الكوني. لأننا عندما نرى القمر نراه في صورة أحدث زمناً من صورة الشمس, وصورة الشمس تعتبر أحدث من صور النجوم.. وهذه الرؤى الزمنية تتحكم فيها سرعة الضوء والمسافة التي يقطعها. فنحن نرى الماضي بالسماء ونعيش الحاضر تحت أقدامنا، ونحن في حاضرنا فوق الأرض مستقبل ما سيراه الغير من الفضاء فيما وراءنا. فنحن نعيش الثلاثة أزمان في وقت واحد.

وهذه تعتبر نظرية يمكن أن نطلق عليها نظرية “التزامن الموحد للزمن” (The Unified synchronzing of time). لأن الزمن نسبي في الكون من حيث المكان وبعده، والثابت فيه سرعة الضوء، لهذا يعتبر الزمن خطياً يبدأ بالماضي وبعده الحاضر وبعده المستقبل. فخط الزمن يضم هذه الأزمان الثلاثة، ويتحكم في رؤيتنا لأعمار الكون والفضاء. وهو خط حتمي، ولا ينتهي إلا بنهاية الكون، ولا يتغير طوله إلا بتغير سرعة الضوء. لكن اتجاه الزمن نسبي يعتمد على موقعنا في الكون، ويمكن أن نطلق عليه “Radial time”، وطوله نسبي، يعتمد على بعدك من الآخر. وهذا المفهوم هو الحقيقة المؤكدة، ويعتبر أحد الحقائق الفلكية الثابتة. والاتجاهات الأصلية الأربعة نسبية لكل كوكب، فلكل من هذه الكواكب المكتشفة حديثاً جهاتها الأصلية الأربعة, وهي اتجاهات لا تنطبق على جهات الأرض من حيث الاتجاه، لأن اتجاهاتها – شمال وجنوب – تنطبق مع حقل مغناطيسياتها، فلا اتجاه القطبين الشمالي والجنوبي فوق أرضنا ينطبق مع اتجاه قطبي كوكب حول نجم آخر.. لهذا حقل مغناطيسية كل كوكب ليس متوازبا مع حقل مغناطيسية الأرض. ولكل كوكب قطباه المغناطيسيَّان الشمالي والجنوبي، وشرقه وغربه نسبيَّان حسب اتجاه نجمه التابع له عندما يشرق عليه أو يغرب عنه. فالاتجاهات الأصلية لكل كوكب – بما فيها كواكبنا التسعة – متغيرة في المكان ومتغيرة ليلها ونهارها حسب حجم وسرعة الكوكب في فلكه وزمن إطلالة نجمه فوقه. كما أن سنته متغيرة حسب سرعة دورانه حول نجمه الأم وبعده عنه، فسنين الكواكب متغيرة الأزمان والفصول. وأخيراً.. العلماء ينبشون قبور ماضي الكون ولا يرون حاضره المغيب عن تلسكوباتهم، لكنهم يعيدون كتابة وصياغة تاريخ ماضي الكون من خلال تطور وتعاظم رؤيتهم له. والله اعلي واعلم

المصدر: كتاب تاريخ الفلك
تأليف: د. أحمد محمد على عوف
2004 م

إغلاق