اخبار
ما هو الكون تحديدا؟ وهل يوجد شيء خارج حدوده التي نعرفها؟
للإجابة عن سؤال: هل يوجد شيء خارج الكون نحتاج أولا إلى تحديد ما نعنيه بالضبط بـ”الكون”.
إذا اعتبرت أن الكلمة تعني حرفيا كل الأشياء التي يمكن أن توجد في كل المكان والزمان فلا يمكن أن يكون هناك أي شيء خارج الكون، وحتى لو تخيلت أن للكون حجما محدودا وتخيلت شيئا ما خارج هذا الحجم فعندئذ يجب تضمين كل ما هو “خارج” في الكون أيضا.
سؤال ليس له معنى
عندما تتخيل الكون قد تفكر في كرة عملاقة مليئة بالنجوم والمجرات وجميع أنواع الأجسام الفيزيائية الفلكية المثيرة للاهتمام، قد تتخيل أنه يمكن لرائد فضاء رؤيته من الخارج مثل رؤيته الكرة الأرضية من المدار فوقها في الفضاء.
لكن الكون لا ينطبق عليه هذا المنظور الخارجي، عندما تتخيل الكون ككرة تطفو في منتصف العدم فإنك تلعب خدعة ذهنية على نفسك لا يمكن فهمها وفقا للرياضيات.
في الواقع، سؤال “ماذا خارج الكون؟” يشبه السؤال “ما الصوت الذي يصدره اللون الأرجواني؟” إنه سؤال غير منطقي، لأنك تحاول الجمع بين مفهومين غير مرتبطين، لا يوجد شيء في الرياضيات يصف الكون الذي له خارج.
يقول الفيزيائي ستيفن هوكينغ إن السؤال برمته لا معنى له، السؤال عما يكمن وراء الكون يشبه السؤال عما يقع شمال القطب الشمالي.
ما وراء الكون
إن تعريف “ما وراء الكون” (Beyond the universe) يعني ضمنا أن للكون حافة، ولكن العلماء ليسوا متأكدين من وجود مثل هذا الشيء.
يقول جيسي إمسباك -وهو كاتب مساهم في “لايف ساينس” (Live Science)- إن الإجابة تعتمد على الكيفية التي ينظر بها المرء إلى السؤال.
يسأل أحدهم: هل يمكنك الذهاب إلى مكان تستطيع النظر فيه إلى “ما وراء الكون” بالطريقة التي يمكن للمرء أن ينظر فيها إلى ما وراء حافة الجرف أو ينظر من النافذة ليرى السطح الخارجي للمبنى؟ الجواب عن هذا السؤال هو “ربما لا”.
المعنى الضمني هو أنه لا توجد “حافة”، لا يوجد مكان نذهب إليه حيث ينتهي الكون، ويمكن للشخص أن ينظر في اتجاه ما ويرى ما وراء الكون.
حجم الكون الكبير
بول إم سوتر عالم فيزياء فلكية في جامعة ولاية نيويورك ستوني بروك (Stony Brook University) ومعهد فلاتيرون (Flatiron Institute)، ومؤلف كتاب “كيف تموت في الفضاء؟” (How to Die in Sky) قدم إجابته أيضا عن هذا السؤال.
يقول سوتر في مقال له على موقع “سبيس” (Space) “إذا كان حجم الكون غير محدود فلا داعي للقلق بشأن هذا السؤال، الكون لكونه كل ما هو موجود فهو كبير بشكل غير نهائي ولا حافة له، لذلك لا يوجد خارج حتى يمكن الحديث عنه”.
ويضيف أنه بالتأكيد هناك جزء من الكون ما زال خارج عن ملاحظاتنا، فالكون قديم جدا، ولا يمكن معرفة أي شيء عن الكون إلا عبر الضوء، وعلى الرغم من سرعة الضوء التي يسافر بها فإننا لم نتلق ضوءا من كل مجرة عبر تاريخ الكون.
يبلغ العرض الحالي للكون المرئي حوالي 90 مليار سنة ضوئية، ومن المفترض أن وراء تلك الحدود هناك مجموعة من النجوم والمجرات العشوائية الأخرى، لكن أبعد من ذلك لا يمكننا التكهن.
هل الكون مسطح أم منحنٍ؟
يحاول علماء الفلك معرفة إن كان الكون مسطحا أم منحنيا على نفسه، إذا كان الكون مسطحا تماما فيمكن أن يكون حجمه غير نهائي، أما إذا كان منحنيا مثل سطح الأرض فسيكون حجمه محدودا.
وعلى الرغم من أن الملاحظات والقياسات الحالية تشير إلى أن الكون مسطح تماما تقريبا فإن هذا لا يعني بالتأكيد أن الكون غير نهائي، لأنه حتى في حالة الكون المسطح ليس من الضروري أن يكون الكون كبيرا بشكل غير نهائي.
يمكن أن يكون الكون مسطحا ولكنه مغلق على نفسه مثل سطح الأسطوانة، فالخطوط المتوازية المرسومة على السطح تظل متوازية، وهذا أحد تعريفات “التسطيح”، ومع ذلك فهي ذات حجم محدود، ويمكن أن ينطبق الشيء نفسه على الكون.
ولكن حتى لو كان الكون محدودا فهذا لا يعني بالضرورة وجود حافة أو شيء خارجي، يمكن أن يكون كوننا ثلاثي الأبعاد مضمنا في بنية أكبر متعددة الأبعاد، لكن في الوقت الحالي ليست لدينا طريقة لاختبار ذلك.
الكون البالوني
غالبا ما يتم استخدام سطح البالون لوصف هذا الكون الذي لا حدود له، يمكن للنملة على مثل هذا السطح أن تمشي في أي اتجاه ويبدو أن السطح كان “غير محدود”، أي أن النملة قد تعود إلى حيث بدأت ولكن لن تكون هناك نهاية للرحلة.
لذلك، على الرغم من أن سطح البالون عبارة عن عدد محدود من الوحدات المربعة فإنه لا توجد حافة له ولا حدود، حيث يمكنك الذهاب إلى الأبد في أي اتجاه.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد “مركز” على السطح الكروي للبالون، الكون هو نسخة ثلاثية الأبعاد من سطح البالون.
تقول الدكتورة كاتي ماك عالمة الفيزياء الفلكية النظرية في جامعة ملبورن (University of Melbourne) بأستراليا لموقع “لايف ساينس” (Live Science) إن هناك محاولات جارية لحل مسألة ما إذا كان الكون يشبه الكرة، ومنحنيا على نفسه بحيث إذا سافرت في اتجاه واحد فستعود في النهاية إلى نقطة البداية.
وتضيف ماك “نبحث عن نقاط متكررة في السماء”، إذا وجد علماء الفلك مكانين على جانبي السماء متطابقين تماما فسيكون ذلك مؤشرا قويا على انحناء الكون بهذه الطريقة، ومع ذلك لا توجد ضمانات.
كل هذا يعني أنه إذا كانت هناك نهاية للكون فقد لا يتمكن البشر أبدا من رؤيتها، وهناك احتمال حقيقي أن الكون قد تم تشكيله بحيث لا يمكن أن تكون له حدود ليبدأ عندها.
توسع الكون
تقول ماك إن الحجم الفعلي للكون المرئي هو 46 مليار سنة ضوئية في أي اتجاه، وعلى الرغم من أن الكون بدأ قبل 13.8 مليار سنة فقط فإن هذا لا يزال يضع حدا لحجمه الذي يمكن للبشر رؤيته يطلق عليه “الكون المرئي”.
أي شيء خارج هذا الشعاع البالغ 46 مليار سنة ضوئية غير مرئي لسكان الأرض، ولن يكون مرئيا أبدا، ذلك لأن المسافات بين الأجسام في الكون تزداد بمعدل أسرع من وصول الأشعة الضوئية إلى الأرض.
وعلاوة على ذلك، فإن معدل تمدد الكون لم يكن موحدا، لجزء قصير من الثانية بعد الانفجار العظيم كانت هناك فترة من التوسع المتسارع تسمى التضخم نما خلالها الكون بوتيرة أسرع بكثير مما هو عليه الآن، لن يمكن رؤية مناطق كاملة من الفضاء من الأرض لهذا السبب.
وتضيف ماك إنه بافتراض حدوث التضخم فإن الكون في الواقع أكبر 1023 مرة من 46 مليار سنة ضوئية التي يمكن للبشر رؤيتها، لذا، إذا كانت هناك حافة للكون فهي بعيدة جدا ولا يستطيع أبناء الأرض رؤيتها ولن يتمكنوا أبدا من رؤيتها.
المصدر: الجزيرة