علم الفلك

حجارة ستونهنج

ستونهنج (Stonehenge) هو أثر حجريٌّ يرجع إلى عصر ما قبل التاريخ يقع في سهل ساليسبري بجنوب غرب إنجلترا، ويرجع تاريخه لأواخر العصر الحجري وأوائل عصر البرونز (3000 – 1000 ق.م). وهذا الأثر – رغم شهرته حالياً – أصبح أطلالاً، ويتكون من مجموعة دائرية من أحجار كبيرة قائمة محاطة بتل ترابي دائري. ويعتبر ستونهنج من أكثر الآثار الحجرية شهرة وأفضلها حفظاً بين الآثار الحجرية في أوروبا. وحتى الآن ليس معروفاً ما يرمز إليه هذا الأثر، لكن البعض يخمِّن أنه كان مركزاً احتفالياً أو دينياً، وحالياً يُعتَقد أنَّ شعب الجزر البريطانية قد بدأ بتشييد هذا الأثر منذ 5,000 سنة. وقد بيَّنت الحفريات أن موقع ستونهنج قد بني على ثلاث مراحل رئيسية، المرحلة الأولى تمت عام 2900 ق.م، وكانت عبارة عن خندق دائري قطره 110 أمتار وعمقه متر واحد ونصف متر، وعلى حافة الخندق الداخلية بني سد به تجاويف عددها 56 تجويفاً، ويُقَال أنها كانت لحمل أعمدة خشبية. وفي المرحلة الثانية للبناء التي استمرت من سنة 2900 – 2500 ق.م أقيمت مبانٍ خشبية بالمكان، حيث بنيت أعمدة خشبية جديدة قائمة في الأرض المستوية داخل مركز الخندق الدائري، كما نُصِبَت أعمدة في منطقة منزوية شمالي شرق الخندق حيث مدخل الموقع. وقد نُقِلَت في المرحلة الثالثة للبناء التي استمرت حوالي 2550 – 1600 ق.م، وتتكون من 80 عموداً من صخور بركانية زرقاء، وهذه الأعمدة نصبت قرب مركز الموقع علي شكل دائرتين متداخلتين (انظر: دوائر الحجر)، وكل صخرة تزن أربعة أطنان مترية. وأثناء هذه المرحلة كانت الحجارة الزرقاء بالدائرتين يُعَاد تفكيكها وترتيبها بطريقة معقدة، وكانت حجارة رملية كبيرة قد جلبت يطلق عليها “السارسين” قد نصبت على شكل دائرة قطرها 33 متراً وتتكون من 30 عموداً حجرياً على بعد 40 كم شمال الموقع، ويُطلَق عليها نصب دائرة سارسين، وكل عمودٍ بها ارتفاعه 4 أمتار. وفوق قمم الحجارة الثلاثين دائرة منتظمة من حجارة سارسين يطلق عليها العتبات، مثبَّتة بطريقة عاشق ومعشوق (لسان في تجويف بالنقر)، ولم يبق من البناء سوى 17 عموداً قائماً وفوقها 6 عتبات ممتدة.

حجارة ستونهنج.

وداخل دائرة سارسين كان هناك بناء منصوبٌ على شكل حدوة الحصان، وكانت تفتح لشمال شرق النصب باتجاه مدخله. وكان نصب الحدوة مبنياً من خمسة أزواج حجارة قائمة وعملاقة من أحجار سارسين، فكل حجرٍ كان يزن 40 طناً مترياً أو أكثر، وارتفاعه 7 أمتار فوق الأرض، لكن لم تبق منها سوى ثلاثة أزواج. وهناك أشكال أخرى ما زال معظمها باقياً، ورغم وجود حوالي 1,000 دائرة حجرية بالجزر البريطانية إلا أنَّ نصب ستونهنج يعتبر أعظمها وأكبرها. ويقال أن محور حدوة الحصان والمدخل بستونهنج يشير لاتجاه الشمس بمنتصف الصيف, ويُقَال أنه كان يستعمل في التقويم وتحديد الاعتدالين الربيعي والحريفي. و”أفيبري” هو أحد الأبنية الاحتفالية، حيث يقع على بعد 8 كم من تل سليوري بمقاطعة مارلبورو بإنجلترا، وهذا البناء الذي يرجع للعصر البرونزي يرمز لأحد المعابد المكشوفة الكبرى في أوروبا، حيث به دائرة من الحجارة، وتعتبر أكبر دائرة حجرية عُرِفَت حتى الآن، وتقع بداخلها قرية أفيبري. وتتكون من 100 حجر قائم، بينها أربع مداخل باتجاه الجهات الأربعة الأصلية: الشرق والغرب والشمال والجنوب. وحولها خندق كبير بعرض 12,5 متراً وعمق 9 أمتار. وداخل نطاق الدائرة الكبرى دائرتان أصغر من الأحجار القائمة بداخل الدائرة الشمالية، في مركزها 3 أحجار قائمة، والدائرة الثانية بها حجر قائم واحد. وهذه الدوائر أكبر مساحة من دوائر ستونهنج، وهذا النصب التذكاري له طريق طويل بعرض 15 متراً، وطريقان طويلان يؤدّيان إليه. وقد صُفَّت على جوانبهما حجارة قائمة بارتفاع 1,5 –7,5 أمتار، وهذه الحجارة القائمة مثبتة بعروق من الخشب.

المصدر: كتاب تاريخ الفلك
تأليف: د. أحمد محمد على عوف
2004 م

إغلاق