الأرض
فاصل زمني عظيم يظهر كيف ستبدو مجرة درب التبانة بعد 400,000 سنة من الآن
ستبدو سماء الليل مختلفةً تمامًا عمّا هي عليه الآن بعد نصف مليون سنة، وقد اكتشف الباحثون كيف سيكون شكلها. هل سبق لك أن شاهدت 40,000 شهاب تتوهج في أنحاء السماء في نفس الوقت معًا؟ إذا كنت تريد أن ترى ذلك، فإن وكالة الفضاء الأوروبية European Space Agency (ESA) تعرض عليك خيارين: أحدهما أن تحدق في سماء الليل لمدة نصف مليون سنة، إذ أن نظامنا الشمسي يندفع بثبات في مجرة درب التبانة، مما سيتطلب بعض الصبر. أو أن تشاهد محاكاةً جديدة لنفس الشيء تبلغ مدتها 60 ثانية لهذا الفاصل الزمني (نصف مليون سنة) بفضل مرصد غايا الفضائي Gaia Space Observatory التابع لوكالة الفضاء الأوروبية. في هذه المحاكاة الجديدة، يسير 40,000 نجم، تقع جميعها ضمن حدود 325 سنة ضوئية من شمس الأرض، في الفضاء محدثةً طنينًا، وتاركةً خلفها مسارات طويلة من الضوء. تمثل كل نقطة من الضوء جسمًا واحدًا حقيقيًا في مجرة درب التبانة، ويظهر كل مسار ساطع مسارَ حركة هذا الجسم المتوقعة خلال المجرة على مدار الـ400,000 سنة القادمة. الخطوط الأسرع و الأكثر سطوعًا توجد على مقربة من نظامنا الشمسي، في حين الخطوط الأبطأ والباهتة أكثر تقع بعيدًا جدًا عنّا. وطبقًا للباحثين في وكالة الفضاء الأوروبية، تُظهر المحاكاة نمطًا غير مفاجئ، ففي نهاية المحاكاة، تبدو معظم النجوم وكأنها تتجمع في الجانب الأيمن من الشاشة، بينما يظل الجانب الأيسر من الشاشة فارغًا نسبيًا. هذا ليس بسبب أنّ ثقبًا أسودَ حديث التكون يجذب النجوم ولا شعاع جاذبية غريب يجذبها، ولكنه ببساطة أن شمسنا تتحرك بشكل مستمر أيضًا، ما يجعل النجوم المارة تظهر متجمعةً في الاتجاه الآخر. وقد كتب باحثو وكالة الفضاء الأوروبية في مشاركة مدونة: “إذا تخيلت نفسك تتحرك في خلال تجمع من الناس (وهم ثابتون)، فحينها يبدو الناس أمامك وكأنهم يبتعدون عندما تقترب منهم، في حين يبدو الناس خلفك وكأنهم يقفون بالقرب من بعضهم أكثر كلما ابتعدت عنهم. يحدث هذا التأثير أيضًا بسبب حركة الشمس بالنسبة لبقية النجوم”. جاءت البيانات التي جعلت هذه الفسيفساء لليرقات الكونية ممكنةً من الإصدار الرسمي الثالث للبيانات الخاص بالقمر الصناعي غايا (EDR3)، والذي أصبح متاحًا للعامة في الثالث من ديسمبر/كانون الأول. ويحتوي تفريغ البيانات الجديد على معلوماتٍ مفصلةٍ لأكثر من 1.8 مليار جرم سماوي متضمنًا أماكنها بالتحديد وسرعاتها والمسارات المدارية لأكثر من 330,000 نجم ضمن حدود 325 سنة ضوئية من الأرض، وطبقًا لإصدار الأخبار من وكالة الفضاء الأوروبية، فإن الـ40,000 نجم الممثَّلين في المحاكاة قد اختيروا عشوائيًا. أُطلِق القمر الصناعي غايا في عام 2013 في مهمة إكسبريس Express Mission لقياس مواقع ومسافات وحركات النجوم، وقد ساعد الإصدار الثاني للبيانات المطلق عام 2018 علماء الفضاء على تجميع أكثر خريطة تفصيلية للكون على الإطلاق. أضاف الإصدار الثالث الجديد نحو 100 مليون جسم جديد لهذا الكنز الدفين كما صرح بذلك باحثو وكالة الفضاء الأوروبية.